بسم الله الرحمن الرحيم
"العقيدة الاسلامية عقيدة كفاح ونضال"
ان كلمة العقيدة تعني الجزم والقطع في الامور الاساسية، وعقيدتنا تضيف الى المعنى اللغوي معنى شرعيا تجعل من يعتنقها اكثر صلابة واعظم كفاحا في سبيلها بحيث يظهر انه رجل من طراز معين . ولذلك رأينا في التاريخ ان من اعتنقوها صار لهم تاريخ غير تاريخهم قبل اعتقادها، والعبيد الذين اصبحوا سادة الدنيا شاهد من الشواهد، وتمكن جيش المسلمين ان يطأ قلب اوروبا ويأسر قيصر روسيا للقسطنطينية ويجتاح يوغسلافيا والمجر والنمسا شاهد اخر . فما سر هذه العقيدة يا ترى حتى انها تستطيع ان تخلق من الانسان الضعيف رجلا عظيما يحمل مسؤولية العالم بأسره ؟ وتجعل من الشاب الصغير قائدا عظيما تخشاه الدول والكيانات وهو فرد اعزل لا يحمل غير العقيدة سلاحا ؟ فما سر هذه العقيدة يا ترى ؟
ان واقع العقيدة الاسلامية من الايمان الجازم بان الله واحد احد خلق الكون والانسان والحياة وهو مدبر ما في الكون وان الحياة فانية وان الانسان مصيره الى الجنة او الى النار وان الرزق بيد الله وحده وان انتهاء الاجل بيد الله وحده وان القران من عند الله ارسله للبشرية بعد اكتمال الحياة الانسانية وقد جاء به سيدنا محمد بوحي من الله قول واقع هذه العقيدة هو مكمن سر قوة من يعتنقها . وهو سر اندفاع من يحمل العقيدة الاسلامية واليك بعض التفصيل .
خلق الله الدنيا لتكون مكان اختبار للبشر"هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا"ثم ستكون الجنة او النار . الجنة التي هي دار مقام ولها بداية ولكن ليس لها نهاية"وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون"فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وما لم يخطر على قلب بشرا اعدت للمتقين"والعاقبة للمتقين". والنار التي فيها مقامع من حديد وطعامها الزقوم وشرابها ماء يغلي يقطع الامعاء والعذاب لا ينتهي"كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب"فالعذاب لا يتوقف ولا يخفف عنهم ولا يقضى عليهم فيموتوا"لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور"وهذا كله يطلق عليه رب العزة"ليذوقوا العذاب"فاذا كان هذا الوصف لجهنم هو للذوق فما هي طبيعة العذاب اذا ؟ فان ادلة ذلك ادلة قطعية في ثبوتها وفي دلالتها فاذا امن الانسان بها فانه يستحقر كل عذاب في الدنيا يصادفه من اجل عقيدته، ومن اجل الثبات عليها، ومن اجل ان تبقى عزيزة وهي المهيمنة على البشر . فاذا امن الانسان بالجنة وما فيها من نعيم مقيم وامن بالنار وما فيها من عذاب مستطير وكان هذا الايمان القطعي مدركا واقعه، متصورا في الاذهان حقيقة انه يستهان ما دونه من تعذيب البشر، من تعذيب المخلوق، فيصبح المؤمن جبلا شامخا لا تؤثر فيه سياط المجرمين ولاسجن الساقطين ولا عذاب المنبوذين بل يستعذب ذلك في سبيل عقيدته .
هذا الجزء من العقيدة وحده كاف لكشف سر هذه العقيدة وكيف حولت عبد الله بن مسعود الذي كانت تذرو الرياح ساقيه الى رجل عظيم تكون قدماه عند الله اثبت من جبل احد .وهذا تفسير بين لثورة صهيب وبلال وسلمان على اسيادهم .وهذا الدافع الوحيد الذي جعل ياسر والد عمار يرحب بالموت تحت عذاب كفار قريش، وجعل سمية اول شهيدة في الاسلام تحتسب الطعنة في قلبها وهي الطعنة التي ماتت فيها جعلتها تحتسبها هذا الامر الجلل في سبيل الله، وهذا ما عالج به رسول الله صلى الله عليه وسلم نفوس اصحابه في مجابهة عذاب قريش حيث كان يمر على ال ياسر ويقول"صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنة"ونحن نقول لاحباء الله واحباء رسول الله الذين امنوا به ولم يروه الذين لم يجدوا على الحق اعوانا نقول لهم تصوروا واقع سلفكم وواقع عقيدتكم واحيوها من جديد ولتبقوا متصورين واقع عقيدتكم حتى يفتح الله لكم ويأتي اليوم الموعود .
جعلت العقيدة الاسلامية الحرب والقتال هو الطريق الوحيد لحملها للعالمين فقد قال صلى الله عليه وسلم"امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله محمد رسول الله فان قالوهــــــا فقد عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها"وقال"فوالذي نفس محمد بيده لاجاهدن على ما بعثني الله به او تنفرد هذه السالفة"فجعل القتال والحرب هو طريقة حمل الدعوة وجعل استمرارية هذه الطريق حتى الموت وحتى انتهاء الحياة على الارض . وهذا كان قبل اقامة الدولة بشكل صراع فكري اي الحرب على جميع افكار الكفر حتى تذل وتتلاشى وبشكل كفاح سياسي اي بالتصدي للسلطة القائمة لبيان زيفها وخداعها وسوء رعايتها للناس فلا تترك مناسبة الا ويهتبلها لاسقاط هيبتها من نفوس الناس لتكثر الايدي التي تمتد للاخذ بحلاقيمها والاجهاز عليها وجعل جزاء ذلك الجنة فقد قال صلى الله عليه وسلم"سيد الشهداء حمزة ورجل قام الى امام جائر فنصحه فقتله"فجعل من يحمل العقيدة الاسلامية بطريق الكفاح السياسي وبالصراع الفكري بانه سيد الشهداء في الجنة، والشهداء الصديقون يحشرون مع الانبياء والصالحين، وقال صلى الله عليه وسلم"ان من اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"فجعل الكفاحية في بيان العقيدة واحكامها ولدفع اذى الحاكم من الرعية جعل الكفاحية هذه جهادا بل اعظم انواع الجهاد . فجعل كفاح الحاكم الظالم حتى الموت هو الطريقة لردعه عن الظلم ولابلاغه كلمة الحق وكان من ضمن البيعة في بيعة العقبة الثانية"وان نقول الحق اينما كان لا نخاف في الله لومة لائم"كما جعلت العقيدة الاسلامية النضال والقتال طريقة لمنع الحاكم من ان يحكم باحكام الكفر فقال صلى الله عليه وسلم"خيار ائمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم . وشرار ائمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل يا رسول الله افلا ننابذهم بالسيف فقال : لا ما صلوا"اي ما طبقوا حكم الاسلام وفي رواية عبادة بن الصامت"دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما اخذ علينا ان بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثره علينا وان لا ننازع الامر اهله الا ان تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان"وفي رواية"كفرا صراحا"اي انه يجب التمرد على الحاكم الذي يحكم بغير ما انزل الله وان قتاله ومنازعته هي الطريقة لذلك فمقاومة احكام الكفر من اهم ما في العقيدة الاسلامية من افكار .
الى جانب ذلك جعلت العقيدة الاسلامية القتل لمن يصبأ ويغير عقيدته الاسلامية قال صلى الله عليه وسلم"من بدل دينه فاقتلوه"كما جعلت من يعمل على تجزئة الدولة الاسلامية وكيان الامة الاسلامية جزاءه القتل قال صلى الله عليه وسلم"ومن بايع اماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر كائنا من كان"وقال صلى الله عليه وسلم"من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او يفرق جماعتكم فاقتلوه"فحماية سلطان الاسلام وحماية المسلمين لا تنفصل عن القتل والقتال حتى تبقى العقيدة الاسلامية قوية في الامة تخيف دول الكفر وتطيح بالتيجان حتى يظهر الله هذا الدين على الدين كله . فهذا كله وهو اعتناق العقيدة الاسلامية وحملها وحمايتها وتطبيقها وحماية بيضتها تقويم السلطان كل ذلك يرى بوضوح ان المسلمين يجب ان يعتنقوا الفكرة الاسلامية بوصفها فكرة لا ينفصل عنها القتال ولا النضال ويجب ان تكون صورتها التي في اذهانهم صورة فكرة قتال ونضال، فان هذا وحده هو حياتها وهو سر بقائها .
وقد تصور الصحابة هذا الواقع وادركوه حق الادراك فانطلقوا في صراعهم مع كفار قريش على اقوى ما يكون وتحملوا الجوع في سبيل ذلك فقد اخرج الشيخان عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال"ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مالنا طعام الا ورق الحبلة وهذا السمر حتى ان كان احدنا ليضع كما تضع الشاة ماله خلط". واخرج الشيخان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تقول"والله يا ابن اختي ان كنا لننظر الى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة اهلة في شهرين وما اوقد في ابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار .قلت يا خالة : فما كان يعيشكم ؟ قالت :الاسودان التمر والماء . الا انه قد كان لرسول الله جيران من الانصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون الى الرسول صلى الله عليه وسلم من البانها فسقيناه"وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا، فقلت يا رسول الله ! اراك تصلي جالسا فما اصابك ؟ قال : الجوع يا ابا هريرة ! فبكيت، فقال"لا تبك يا ابا هريرة، فان شدة الحساب يوم القيامة لا تصيب الجائع اذا احتسب في دار الدنيا"وورد عن الصحابة انهم كانوا يأخذون الحجارة ويشدون بها على اخمص بطونهم ثم كان واحدهم يشده بثوبه ليقيم صلبه ولهذا فان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم"من اصبح امنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكانما قد زويت له الدنيا"كان مفهوما عندهم وكان عقيدة عندهم في سبيل حمل عقيدتهم فانطلقوا يعشقون الموت في سبيل الله لا يسألون عن رزق ولا عن جوع في سبيل هذه العقيدة واضعين قوله تعالى نصب عينهم"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين"فصبروا على البلاء وايقنوا ان الله حرمهم من بعض متاع الدنيا ليدخر لهم كل متاع الاخرة . فحملوا العقيدة للناس غير ابهين بعذاب البشر او بالفقر وكان طبيعيا ان يقول خبيب بن عدي :
ولست ابالي حين اقتل مسلما على اي جنب كان في الله مصرعي
وكان هذا جوابا للكفار الذين هددوه بالقتل وفعلا قتلوه فلقي الله راضيا مرضيا .
ومن مقتضيات العقيدة الصلابة والثبات عليها وما ينبثق عنها من افكار وحملها بالطريق الكفاحي فتحملوا اشد صنوف العذاب في سبيل هذا الاعتقاد فقد اسلم الزبير وهو ابن ثمان سنين وكان عمه يعلقه في حصير ويدخله عليه بالنار وهو يقول ارجع . فيقول الزبير : لا اكفر ابدا . وقد تحدى عبد الله بن مسعود قريش في انديتهم وتلا القران حول الكعبة في رابعة النهار وكفار قريش مجتمعون وناله من الاذى ما ناله ولم يبال واحتسب ذلك لله تعالى . واستغرب كل الغرابة ممن يعرفون هذه المواقف العقيدية من الصحابة الكرام وباقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك يلوم على بعض الشباب الذين يعتقلون وهم يوزعون النشرة بشكل كفاحي متذرعين ان الحزب لم يطلب منهم التوزيع الكفاحي ناسين ان الكفاحية من العقيدة وبأمر من الله وان السيادة للمبدأ لا للحزب، وان المسير هو الشرع لا الحزب، وان الدليل الشرعي هو المطاع لا الحزب، ليت شعري كأنهم يريدون علما بان الحزب لم يناد بعدم الكفاحية ولم يقبل الضعف ان يطمسوا كفاحية الشباب التي استمدوها من مبدئهم وسارت في دمائهم مؤثرين السلامة على الاذى في سبيل الله . فهل الحكم للعقل حتى نستنكر كفاحية الشباب في اعمالهم ؟ او حتى على الاقل نعتبرهم متهورين . اوليس مطلوبا منهم الجهر بالدعوة وان يصدعوا بها بين الجماهير ؟ فأين هذا القول من تحدي عمر بن الخطاب لقريش عند الهجرة باقرار من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ واين هذا من تحدي عمر قريشا في ناديهم حول الكعبة عندما اسلم فأخبر شخصا ممن لا يكتمون سرا من قريش واخبره انه اسلم ليشيع في قريش انه اسلم وعمر يمشي خلفه وغير هؤلاء كثير ممن تحدى قريشا في عقيدتها ونالهم الاذى البليغ من جراء هذا التحدي ولكن العقيدة تأمر بذلك ورتبت الثواب العظيم على هذا التحدي وعلى الثبات على هذا الفكر مهما كانت النتيجة حتى لو كانت القتل . قال تعالى"اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين"وقال تعالى"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح . للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم، الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"
وهذا نبي الله هود عليه السلام يقول متحديا بأكمله"فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، اني توكلت على الله ربي وربكم"وهؤلاء السحرة الذين امنوا بمعجزة نبوة موسى عليه السلام يعلنون اسلامهم ويقفون موقفا عقائديا رغم ان ذلك كان ساعة ايمانهم فقالوا لاعتى العتاة فرعون الذي توعدهم بالصلب والقتل وتقطيع الايدي والارجل قالوا له متحدين في سبيل عقيدتهم"فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا"وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول لعمه ابي طالب رادا على قريش وما طلبته منه من مهادنتهم اجابهم"والله ما انا بأقدر ان ادع ما بعثت به من ان يشعل احدكم من هذه الشمس شعلة من نار".وهذا التحدي من الرسل وهذه الصلابة والكفاحية في الدعوة لم تكن لامر واحد وهو العقيدة فحسب بل كانت لكل ما جاء به الوحي عليهم . ولم تذكر لنا في القران الكريم للعلم والتسلية ولحصول الثواب من تلاوتها بل للعمل والاقتداء .
فهذه المواقف العظيمة لا تستوي عند الله بالمواقف الضعيفة ممن يعطون معلومات للمخابرات اعداء الله عن انفسهم وعن اخوانهم من شباب الحزب جاعلين عذاب المخلوق كعذاب الخالق وقد ذم الله هذه المواقف الضعيفة بقوله تبارك وتعالى"ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله"وكأننا لم نسمع بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم"لا يدخل الجنة قتات"فيجب ان يكون الشباب اكثر صلابة واشد تحديا للسلطة وللمنبوذين اعداء الله من اجهزة المخابرات اجهزة توطين الكفر والدفاع عن الكفار والمجرمين يجب ان نكون اشد صلابة وان لا نفرط بأية معلومات عن الشباب حتى لو كانت معلومة لديهم وان نصبر على الاذى لنلقى الله راضين مرضين وان نحافظ على عزة المؤمنين، قال تعالى"ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين"فحدد العاقبة وهي الجنة وحدد الثمن وهو الجهاد وما يترتب عليه من اذى وقتل وصبر على الاذى وقال تعالى"الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"فالله يكبر الشاب الذي يتحدى السلطة بالتوزيع الكفاحي للنشرات والله يعظم الشاب الذي يصدع بأمر دعوته بين الناس وفي وسط الجماهير متحديا كل الحواجز المادية التي تعترض سبيل دعوته وهذا بنص الوحي فالقول بغير هذا من العقل لا من الشرع، ومن الهوى لا من الاسلام . فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ابي ذر الغفاري ان يكتم اسلامه ويعود الى قومه حتى يظهر امر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يعلنه ولكن ابا ذر اعلنها في وسط الكفر عند الاصنام صارخا بأعلى صوته اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله، فامتدحه الرسول ولم يلمه ولم يعتب عليه بل ان المواقف الضعيفة كاعطاء المعلومات بدون عذر شرعي للضعاف من الرجال وللنساء والاطفال وليست للفتية الذين امنوا بربهم، وليست للاقوياء في ايمانهم فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال"المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف"بين الخيرية في قوة الايمان وهذا يعني قوة الثبات على الايمان بدليل قوله تعالى"اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله". فالكفاح والنضال في سبيل العقيدة في قمة الاعمال عند الله واعد لها الدرجات العلا .
وتحمل الاذى في سبيل الله فيه العقيدة واضحة بان لا رب الا الله ولا معبود الا الله فكيف اقبل لنفسي ان اجعل اراذل الناس وهم المخابرات وغيرهم من المفسدين في الارض من اجهزة السلطة كرب الارباب اعترف لهم بكل صغيرة وكبيرة رغم انهم لا يعلمون شيئا الا ما فرط به بعض الشباب قبلهم . فالله جلت قدرته يوم القيامة يختم على الافواه لتشهد على المرء رجله ويده وجلده وكل شيء يشهد عليه من جسم فتلك قدرة الله افنجعل قدرة المفسدين في الارض، كلاب الاثر كقدرة الله، نخشاهم ونعطي الدنية في ديننا ! نخشاهم لدرجة اننا نجعل من انفسنا جواسيس على انفسنا فكأن الرقيب والعتيد له صلة بهم لا بالله !! فالى متى هذا الخور ؟؟ لعمري ان سببه الوحيد هو ضعف الاعتقاد وموت العزائم في الله . فعلينا ان نزيل الاتربة العالقة بعقيدتنا ونزيل الان الذي غلف القلوب افلا يستحق خالق الخلق وملك الملوك ان نسترخص انفسنا في سبيله وان نقدم اجسامنا قطعة قطعة ضحية لبارئها ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل . والعلاج والموقف الصحيح هو في القران الكريم"واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"وقال تبارك وتعالى"وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان مكرهم لتزول منه الجبال، فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ان الله عزيز ذو انتقام"وقال جل وعلا"انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار".
ان الشباب الذين وقفوا المواقف العظيمة في وجه المفسدين في الارض تسجل لهم عند الله ولهم المنازل العلية عند ربهم وسيرفع ذكرهم في الدنيا ويجيب الناس فيهم لانهم اطاعوه جل وعلا في هذه المواقف وفعلوا فعل الانبياء فهم اولياء الله الصالحون وسينجز لهم ما وعدهم وان غدا لناظره قريب .
هؤلاء الشباب الذين استيقنوا ان حمل الدعوة عبادة يتقربون بها الى الله تعالى وسيلقون وجه الله بها دفعتهم عقيدتهم للاستخفاف بوعيد الظالمين لوعد الله فسطروا بذلك مواقفهم الخالدة مستعذبين المشقة والاذى في سبيل الله . مقتدين بعبد الله بن سهل واخوه رافع رضي الله عنهما اللذان خرجا الى حمراء الاسد وهما جريحان من غزوة احد يحمل احدهما صاحبه ولم يكن لهما ظهر . ومقتدين بالرسول صلى الله عليه وسلم"لقد اوذيت في الله وما يؤذى احد، واخفت في الله وما يخاف احد، ولقد اتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي ولبلال ما يأكله ذو كبد"ومتأسين بالرسول الكريم وبدعائه عندما خرج للطائف من مكة ماشيا على قدميه يدعوهم الى الاسلام فلم يجيبوه وصفوا اولادهم صفين يضربون الرسول بالحجارة حتى ادميت قدماه ولم يظهر لهم الجزع ولم يبد احساسه بالالم حتى توارى عن القوم ولجأ الى حائط دعا الله قائلا : اللهم اليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين، وانت ربي، الى من تكلني الى بعيد يتجهمني ام الى عدو ملكته امري، ان لم يكن بك علي غضب فلا ابالي، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك"
فوالله ما لنا الا الصدق والصبر حتى يظهر الله هذا الامر ويشفي صدور قوم مؤمنين، ويبدل خوفنا امنا، ويمكن لنا ديننا الذي ارتضى لنا، وانا لنراه قريبا ويرونه بعيدا ."والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون".
اخرج البخاري عن خباب رضي الله عنه قال :اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة، وقد اتينا من المشركين شدة، فقلت : الا تدعو الله ؟؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال : قد كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم او عصب ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت ما يخاف الا الله عز وجل، ولكنكم تستعجلون"
ولنتذكر قوله تعالى :"قتل اصحاب الاخدود، النار ذات الوقود، اذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد"والله نسأل ان ينقلنا من ذل المعصية الى عز الطاعة عن قريب فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم .
غرة رمضان 1398
5/8/1978
--------------------